هالحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:-

 إن تحرير الدعوى هو القاعدة التي تبنى عليها القضية، وأمرًا أساسي في بناء القضية البناء السليم، فمن أحسن الدخول أحسن الخروج، مع الانتباه إلى أن التحلي بالدقة في صياغة الدعوى وتضمين التفاصيل الضرورية وتسلسل المعلومات وترتيبها بشكل منطقي يسهم في تحقيق أقصى فائدة من القضية، وهو ما سنفصله فيما يلي:

 

المبحث الأول/

 مهارة تحرير الدعوى:

  أولاً: أن يعين المدعى عليه بما يميزه عن غيره، فلا يقبل دعواه على مجهول.

 ثانياً: أن يذكر المدعي في دعواه ما يوضح صفته وصفة المدعى عليه في الدعوى، وذكر العلاقة بين الطرفين سواء علاقة شراكة أو علاقة زوجية ونحو ذلك.

 ثالثاً: أن يكون المدعى به معلوماً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض.

 رابعاً: أن يكون موضوع الدعوى مقتصرا على طلب واحد محدد، فلا يجمع المدعي في دعواه طلبات متعددة لا رابط بينها.

 خامساً: أن تكون الدعوى بألفاظ متوافقة لا تناقض بينها.

 سادساً: أن تكون الدعوى بألفاظ تدل على القطع من غير تردد، (فإذا ادعى أنه باع على المدعى عليه أرضاً مثلا، وكانت هذه الأرض في يد المدعى عليه الذي لم يدفع ثمنها الحال فلا يقول: أطلب دفع ثمنها أو إعادتها، بل يختار أحد الطلبين بدون تردد).

  سابعاً: أن تكون الدعوى بألفاظ تدل على الجزم والصراحة، من غير شك أو تخمين، فلا يصح أن تصاغ الدعوى بألفاظ تدل على الظن أو الشك أو التخمين. مثل: أن يقول المدعي: لي بذمة المدعى عليه مائة ألف ريال قرضا لا أدري هل سددها أم لا؟ أو أظن أن لي عنده مائة ألف ريال.

 ثامناً: أن يوضح المدعي ما يطلبه في الدعوى: هل هو العين أو الثمن أو الأجرة أو غير ذلك.

 تاسعاً: تجنب ذكر وقائع ليست مهمة. 


المبحث الثاني/ 

الشروط اللازم توفرها في الحق المدعى به:

 1- أن يكون الحق المدعى به ثابتًا ومستحق الأداء. فلا يجوز الادعاء بحق لم يثبت، وكذلك لا يُتَقَدَّم بطلب الحق الثابت قبل حلول أجله.

 2- أن يكون الحق المدعى به مشروعًا: بمعنى أن يكون الحق المطالب به غير مخالف لقواعد الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في المملكة.

 3- ألا يكون الحق المدعى به قد سبق الحكم به: فلو سبق لك المطالبة بهذا الحق، فليس لك التقدم بالمطالبة به مجددا، وقد تكون هذه الدعوى من قبيل الدعاوى الكيدية.

 4- أن يكون الحق المدعى به معلوماً غير مجهول: فيُحَرَّر بما يميزه عن غيره، فمثلاً العقار لا بد من بيان موقعه وحدوده وأطواله ومساحته، ونحو ذلك. وإذا تقدم المدعي بدعوى في شيء مجهول، فإن القاضي يسأله عما يدعيه، فإن حدده وبيَّن ما يدعيه، وإلا فإن القاضي يرد دعواه لعدم استكمال شروطها.

 5- أن يكون الحق المدعى به محتمل الثبوت: فلا تُقام الدعوى في شيء لا يقبله العقل أو العرف، كأن يدعي بنوَّة شخص أكبر منه سنًّا؛ إذ لا يُعقلُ أن يكون الابنُ أكبر من الأب، أو مساويًا له في العمر.